قبل أول كلاسيكو دون ميسي وكريستيانو.. هل انتهت حقبة "النجم الواحد"؟

منشور السبت 27 أكتوبر 2018

 

ينطلق غدًا الأحد كلاسيكو الدوري الإسباني بين ريال مدريد وبرشلونة، حيث سيشهد للمرة الأولى منذ عام 2007، غياب كريستيانو رونالدو الذي انتقل إلى يوفنتوس الإيطالي، وليونيل ميسي الذي يعاني إصابة في يده، وذلك بالتزامن مع كسر هيمنة اللاعبين على جائزة أفضل لاعب في العالم خلال السنوات العشر الماضية، إذ ذهبت هذه السنة إلى الكرواتي لوكا مودريتش، ما يعطي مؤشرًا لبداية حقبة كروية جديدة تغيب فيها شمس الثنائي. 

مازال الثنائي الأهم في كرة القدم الآن مستمر في العطاء مع فريقيهما، ولم يحن الوقت -وإن اقترب- لاعتزالهما، ولكن هذين الحدثين يدفعانا بقوة نحو التساؤل الذي لم يخفٍ عن متابعي اللعبة حول العالم؛ إلى أين تذهب كرة القدم بعد حقبة ميسي - رونالدو؟

ما قبل ميسي - رونالدو

رغم أن جائزة الكرة الذهبية، سواء بتنظيم مجلة فرانس فوتبول أو بعد اندماجها مع جائزة "الأفضل" التي يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا ثم انفصالهما مجددًا في 2016، ليست العامل الفاصل الوحيد في تقييم أفضل لاعب في العالم، وكثيرًا ما تثير الجدل، إلا أنها في الوقت نفسه مؤشر هام لا يمكن إغفاله في تقييم الكثير من الأمور. 

2008 كان عام البداية لسيطرة الثنائي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي على الجائزة الفردية الأهم في كرة القدم، حيث افتتح الأول سنوات الهيمنة بقميص مانشستر يونايتد، قبل أن يسيطر الثاني عليها لأربع مواسم متتالية، لينتهى الصراع أخيرًا بحصول كل منهما على الجائزة لخمس مرات.

ولكن ماذا كان الوضع قبل تلك السنوات العشر؟ منذ عام 1998 إلى 2007، لم يستطع أي لاعب أن يفوز بالجائزة مرتين> عشرة لاعبين فازوا بالجائزة على مدار عشر سنوات، وهم الفرنسي زين الدين زيدان ثم البرازيلي ريفالدو والبرتغالي لويس فيجو والإنجليزي مايكل أوين والبرازيلي الظاهرة رونالدو، والتشيكي بافيل نيدفيد والأوكراني آندريه شيفتشينكو والبرازيلي رونالدينيو والإيطالي فابيو كانافارو وأخيرًا البرازيلي كاكا.

في هذه المرحلة كانت كرة القدم متخمة بالنجوم ذوي المواهب المتقاربة، ما أدى إلى ألا يتمكن لاعب أو اثنان من احتكار الجائزة، في حقبة شهدت ثلاث كؤوس عالم، لم يستطع أحد فرض نفسه كإمبراطور للكرة حول العالم، فهي ليست حقبة بيليه أو مارادونا، ولكنها حقبة تعجّ بنجوم من الطراز الرفيع، ربما ساهمت كثرتهم في صعوبة أن يتفرد أحد بالصورة وحده.

بالنظر لكأس العالم 1998 الذي استضافته فرنسا وفازت به، سنجد أنه كان يعج بنجوم الصف الأول في أكثر من المنتخب، زيدان وديشامب وإيمانويل بيتي وليزارازو ودوسايي في فرنسا، ورونالدو وريفالدو ودونجا وروبيرتو كارلوس وكافو مع البرازيل التي اكتفت بالفضية في هذه البطولة. 

 

منتخب فرنسا الفائز بكأس العالم 1998، والذي تميز بكثرة نجومه

مجلة 4-4-2 البريطانية رصدت أبرز عشرة نجوم في كأس العالم 1998، فكانوا بالترتيب الفرنسي ليليان تورام ثم البرازيلي رونالدو الظاهرة، الكرواتي دافور سوكر، الفرنسي مارسيل ديساييه، الهولندي دينيس بيركامب، الإيطالي كريسيتان فييري، الأرجنتيني سباستيان فيرون، الهولندي إدجار ديفيز والبرازيلي دونجا وأخيرًا الفرنسي زيدان. ستجد في كل اسم منهم نسخة لن تتكرر، ونجمًا لا يمكن أن تنساه الكرة العالمية.

كأس العالم مؤشرًا

مثلما كان مونديال فرنسا مؤشرًا على بداية حقبة جديدة يملؤها نجوم الكرة حول العالم، فإن نسخة المونديال الأخيرة في روسيا، والذي فازت به فرنسا كذلك، أعطى مؤشرًا قويًا لبداية مرحلة جديدة تختلف عما سبقها.

"لم نقدم أداء استثنائيا ولكننا قدمنا ما يجعلنا نستحق الفوز"، هكذا صرح ديديه ديشامب المدير الفني للمنتخب الفرنسي، عقب فوز فريقه بكأس العالم 2018، بعد الانتصار على كرواتيا بأربعة أهداف مقابل هدفين.

الديوك الفرنسية امتلكوا قائمة من اللاعبين المميزين في كل مركز، ولكن لا يسيطر عليها فكرة النجم الأوحد، حتى أنطوان جريزمان لاعب أتليتكو مدريد، وبول بوجبا لاعب مانشستر يونايتد لا يمكن أن نطلق على أي منهما هذا الوصف، فالنجم هنا هو الفريق بأكمله بدءًا من الحارس هوجو لوريس انتهاءً بالمهاجم أوليفيه جيرو، الذي لم يسدد طوال البطولة أي كرة بين القائمين والعارضة.

مونديال الكرات الثابتة، هكذا وصف الموقع الرسمي لفيفا النسخة الأخيرة من كأس العالم، والذي تجاوزت نسبة الأهداف التي سجلت فيه من كرات ثابتة 42%، الأمر الذي انتبه إليه مبكرًا ليام روسينيور لاعب المنتخب الإنجليزي السابق في تحليله لصحيفة الجارديان البريطانية، حيث اعتبر أن زيادة نسبة التهديف من الكرات الثابتة بالبطولة رجحت كفة "البراجماتية" على أسلوب اللعب المفتوح.

مانشستر سيتي نموذجًا

قدم مانشستر سيتي موسمًا استثنائيًا السنة الماضية تحت قيادة بيب جوارديولا، بعدما فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل نهاية البطولة بخمس جولات، حاصدًا 100 نقطة بفارق 19 نقطة عن صاحب المركز الثاني مانشستر يونايتد.

وبالنظر لأرقام السيتي في البطولة، صاحب أقوى خط هجوم بالدوري بـ 106 أهداف، فلن نجد هدافًا واحدًا استأثر بالتسجيل للفريق، حيث توزعت الأهداف ما بين سيرجيو أجويرو (21 هدفًا)، ورحيم سترلينج (18 هدفًا)، وجابرييل خيسوس (13 هدفًا)، وليروي سانيه (عشرة أهداف)، بعكس توتنهام صاحب المركز الثالث الذي أحرز مهاجمه هاري كين 41% من أهداف الفريق، وكذلك محمد صلاح الذي سجّل وحده 38% من أهداف ليفربول.

الأمر لم يقتصر على خط الهجوم فقط الذي توزعت أهداف السيتينز على لاعبيه، ففي دراسة حالة عن فوز مانشستر سيتي ببطولة الدوري العام الماضي، لمجلة The Sport Journal الصادرة عن أكاديمية الولايات المتحدة الرياضية، رأت أن النجوم الحقيقيين لبيب كانوا في خط الوسط، وبالتحديد كيفين دي بروين وديفيد سيلفا، حيث صنع الأول 16 هدفًا وأحرز ثمانية، بينما صنع الثاني 11 هدفًا وسجّل تسعة.

 

37 كيلو متر/ الساعة

على الرغم من عودة أسلوب اللعب الجماعي بدلًا من الاعتماد على نجومية الفرد، إلا أن الكثير من متابعي الكرة ما زالوا يبحثون عمن يرث تركة ميسي ورونالدو في حمل لواء النجومية لكرة القدم العالمية، وقد وضع بعضهم نصب أعينهم على الفرنسي الصاحب الـ 19 عامًا كيليان مبابي.

37 كلم/ساعة هذا هو اللقب الذي أطلقه فلوريان توفان لاعب المنتخب الفرنسي على زميله مبابي، في إشارة لسرعته في العبور بين المدافعين، عقب تألق الأخير وتسجيله لهدفين في مباراة دور الـ 16 من كأس العالم أمام الأرجنتين، والتي انتهت لصالح الديوك بنتيجة 4-3.

تفوق لاعب باريس سان جيرمان الشاب أمام المنتخب الأرجنتيني، دفع الكثيرين لمقارنته بميسي، وبدأت الجماهير تعتبره النجم القادم للكرة العالمية. الأمر لم يقتصر على الجماهير وحسب، ولكنه انتقل للنجوم والمحللين، حيث قال نجم المنتخب الفرنسي السابق ديفيد تريزيجيه في سبتمبر الماضي، أن مبابي يمثل مستقبل الكرة عقب ميسي ورونالدو.

مبابي كان متواجدًا مبكرًا على رأس قائمة من 5 لاعبين، وضعتها صحيفة الجارديان في فبراير/ شباط الماضي، لأبرز المرشحين لحمل إرث رونالدو وميسي، مع الإسباني ماركو أسينسيو والفرنسي عثمان ديمبلي والإنجليزي جادون سانشو والبرازيلي جابرييل خيسوس.

هذا الموسم بمعطياته سيمنحنا العديد من الإجابات حول مستقبل الكرة العالمية، ولكن الواضح حتى الآن أن الفترة المقبلة ستمثل مرحلة جديدة في تطور كرة القدم، تنهي حقبة غلبة النجم الواحد، وتعود بنا إلى عديد النجوم المتنافسين.