اختراق "في الجول".. بداية قوية لذباب "الأهرام" الإلكتروني

منشور الأحد 8 يوليو 2018

حتى مساء أمس السبت، كان الراغب في شراء سيارة يصطدم بحائط محكم الإغلاق، إذا قاده البحث إلى موقع "كونتاكت كارز". الحائط نفسه كان يقف في وجه من يبحث عن موعد صدور ألبوم عمرو دياب الجديد إذا قادته نتائج البحث إلى زيارة موقع "في الفن"، حيث تظهر له رسالة "نعتذر عن تعطل الموقع في الوقت الحالي وسوف نعود خلال ساعات". 

 

إذًا كنت قد صادفت أي من تلك الحوائط، فلأنك كنت تحاول زيارة مواقع إلكترونية مملوكة لشركة سرمدي، التي تعرّض موقع "في الجول" الرياضي التابع لها لاختراق، عقب يومين من نشره تحقيقًا عن كواليس بيع نادي الأسيوطي الرياضي إلى رجل أعمال خليجي، ليصبح اسمه "نادي الأهرام" الرياضي.   ترك المخترق رسالة أعلن فيها تمكُّنه من مسح محتويات الموقع، كان نصها "تم الاختراق من قبل هكر نادي اﻷهرام وتم مسح جميع محتويات الموقع". ظهرت الرسالة لزوار الموقع عند محاولاتهم تصفح المحتوى مساء الأربعاء الماضي الرابع من يوليو/تموز. 

بعد ساعات قليلة؛ تم حذف الرسالة، وتثبيت صفحة تقول إن الموقع تعرّض لعُطل وجاري العمل على إصلاحه. وعاد الموقع للعمل في السابع من يوليو/تموز عقب ثلاثة أيام من اختراقه.   

معركة أولى 

نسب القرصان الذي تسبب في إرباك خوادم سرمدي نفسه إلى نادي الأهرام الذي وُلِد بين عشية وضحاها، وأحدث الإعلان عنه هزة في الوسط الرياضي. وبحسب تصريح أدلى به محمود اﻷسيوطي رئيس النادي المباع في التحقيق المنشور بموقع "في الجول" قبل 48 ساعة من حجبه؛ فإن السياسي السعودي تركي آل الشيخ، هو الداعم الرئيسي للنادي الذي بلغت قيمة شرائه قرابة خمسة ملايين دولار أمريكي. وتمت الصفقة لصالح رجل الأعمال السعودي راكان الحارثي، رئيس مجلس إدارة شركة "صلة الرياضية".

اقرأ أيضًا: تركي آل الشيخ.. ظل ابن سلمان

تحقيق في الجول حوى معلومات كثيرة عن كواليس انتقال النادي لـ"المستثمر الخليجي". ويُحتمل أن تكون هذه التفاصيل التي كشفها التحقيق قد خرجت إلى الجمهور على غير رغبة من مُلّاك النادي، أو من "الهاكر" صاحب الولاء، ليقرر ،أو يتلقى أوامر، باختراق الموقع الذي نشر التحقيق. 

حاولت المنصة التواصل مع جورج صبري مدير إدارة المحتوى في شركة سرمدي، للتعليق على الاختراق والإجراءات التي اتخذتها الشركة لحماية باقي المواقع الإلكترونية المملوكة لها أو المتعاملة معها من التعرض للاختراق. لكن محاولات التواصل لم تنجح لعدم استجابته للرد على الهاتف.  

الحالة العجيبة لمشجعي الأهرام

 

 

 

إذا كنت مستخدمًا لموقع تويتر وبحثت بحثًا بسيطًا عن نادي اﻷهرام، المعروف سابقًا باسم نادي اﻷسيوطي الرياضي، ورأيت حسابات تحمل  أسماء "رابطة مشجعي نادي اﻷهرام في بيرو، رابطة مشجعي نادي الأهرام في كولومبيا، ورابطة مشجعي نادي اﻷهرام في أمريكا" فلا داعي للدهشة؛ هذه المجموعة ما هي إلا رأس جبل جليد ضخم، قوامه مئات الحسابات الإلكترونية- حديثة النشأة-  الداعمة للنادي الوليد على الإنترنت. ما يشير لامتلاك قوة تسويقية إلكترونية، تتشابه في أدائها وعملها مع تغريدات ما يعرف في السعودية ودول الخليج بـ "الذباب الإلكتروني".

الذباب الإلكتروني عبارة عن حسابات تقوم ببث دعاية تسويقية أو سياسية، ويطلق عليها هذا الاسم في دول الخليج، لتمييزها كحسابات غير شخصية، ولا تتبع صاحب الاسم وتعبر عن أراء شخصية لفرد، بل هي مجموعات عمل تقوم بإغراق تويتر بمئات التغريدات المتشابهة، تحمل رسالة بعينها "يُراد" إيصالها للمتابعين، أو بغرض تصدُّر قائمة الوسوم (التريند) في توقيت معين، لتشتيت الانتباه عن موضوع ما، أو إثارة ضجة حول موضوع ليس ذا شعبية بالضرورة، وذلك بهدف التأثير على الرأي العام. يظهر هذا في الوسوم المتصدرة لقائمة الترند في السعودية، والمؤيدة لسياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

الحسابات التي تطلق تغريدات شبيهة بهذا الأسلوب دفاعًا عن نادي الأهرام ودعمًا له، بدأت في إطلاق تغريداتها الداعمة تلك عقب مرور 24 ساعة فقط من عقد المؤتمر الصحفي للإعلان عن شعار النادي الجديد واسمه في فندق ريتز كارلتون.

 

    تنشر هذه الحسابات مئات التغريدات في مديح نادي اﻷهرام، وهي داعمة على طول الخط لتركي آل الشيخ ئيس الهيئة العامة للرياضة في السعودية والمستشار في الديوان الملكي. لكن المثير للتأمل هو تلك التغريدة التي نُشرت عقب اختراق موقع "في الجول" من قِبَل هاكر يزعم إنه تابع لنادي اﻷهرام الرياضي. إذ نشر حساب يحمل اسم "مشجعي الأهرام" تغريدة داعمة لموقع في الجول ضد هجمة القرصنة التي تعرض لها.

حسابات تويتر حديثة النشأة الداعمة لنادي اﻷهرام، احتفت بتصدر هاشتاج بعنوان "تركي_آل_الشيخ_ البطل" قائمة الترند في مصر لمدة ساعات. وإذا بحثت على تويتر بكلمات مفتاحية "تركي آل الشيخ، البطل، الأهرام" ستظهر لك مئات الحسابات الداعمة لنادي الأهرام الرياضي، والتي ساهمت في تصدر الهاشتاج قائمة الترند من خلال التغريد وإعادة التغريد ReTweet.

اقتصر اهتمام هذه الحسابات على ترديد الرسائل الإيجابية عن المسؤول السعودي، وتخصصت حسابات منها في تحميل مقاطع فيديو من القنوات الفضائية الرياضية، تمدح في آل الشيخ.

وبلغت نسبة التغريدات الصادرة من مصر والسعودية والعراق 16% لكل دولة على حدة. قبل أن تبدأ حسابات حقيقية في مصر والسعودية في توجيه اللوم لتركي آل الشيخ على الهاشتاج ذاته. 

الحسابات الداعمة لنادي الأهرام اهتمت كذلك بالتغريد ضد محمود الخطيب رئيس النادي اﻷهلي المصري عبر هاشتاج "#الخطيب_دمر_اﻷهلي". تزامنًا مع هاشتاج آخر بعنوان "الخطيب_أفسد_الأهلي". يلاحظ أن أغلب المشاركين عليهما يحملون أسماءً "خليجية الطابع"، وكثير منها حسابات حديثة النشأة، وتحمل أسماء تتعلق بروابط تشجيع نادي الأهرام. ويمكنك الاطلاع عليها ببحث مبسط من خلال كتابة الكلمات المفتاحية التالية: "الخطيب الأهرام"، مع تخصيص تاريخ البحث ليوم 5 يوليو 2018، يوم بداية ظهور الهاشتاج على تويتر.

 

 

 

 

ومع تشابه هذه الحسابات مع "الذباب الإلكتروني" في طريقة عملها والمحتوى الذي تبثه، وتوقيت إنشائها قياسا على اهتماماتها؛ (نشأت لتقوم بالدعاية الإيجابية لنادي وليد)؛ يصعب التأكد من كون هذه الحسابات حقيقية تعبر عن أشخاص طبيعيين يحملون وجهات نظر حقيقية داعمة للنادي الوليد، ورافضة لإدارة النادي الأهلي، ومؤيدة للمسؤول السعودي المثير للجدل تركي آل الشيخ. ما يذكّر بالمحتوى الذي تعتمد عليه الحسابات المتولدة ذاتيًا عبر روبوتات شبكات التواصل الاجتماعي "البوت". 

اقرأ أيضًا: مملكة البوت.. ما وراء اللجان الإلكترونية