هاجر هشام
أجرلي.. واحد من تطبيقات النقل التشاركي التي تطلقها شركات صغيرة.

ادفع علشان تعدّي: الأسفلت لـ "أوبر وكريم".. والبطالة للمستثمر الصغير

منشور الثلاثاء 29 مايو 2018

 

بدأ محمد عبدالله حياته العملية في المرحلة الثانوية بالعمل في التجارة الإلكترونية. وقتها كان طالبًا يدرس في السعودية، وانتقل بعدها إلى مصر مع انتهاء دراسته حيث عمل في أنشطة تجارية مختلفة كإيجار الكاميرات وتجارة العملات الرقمية، هدفه كان افتتاح مشروعه الخاص، فكان "أجَّرلي".

أجرلي هو تطبيق للاقتصاد التشاركي، يقدّم خدمات تأجير السيارات بسائق أو بدون سائق للناس. فكرته قائمة على أن يتيح للأفراد تأجير سياراتهم لمدة محددة وثمن متفق عليه لأي شخص آخر، سواء كانت الصفقة تتضمن تأجير السيارة بسائق لها، أو بدونه. يقول عبدالله: "حققنا نسبة نمو كويسة، عندنا 3 آلاف مستخدم و150 عربية، أصحاب العربيات حققّوا أكثر من ربع مليون جنيه أرباح لهم خلال الثلاث أو الأربع شهور اللي فاتوا".

 

محمد عبدالله، مؤسس تطبيق أجرلي تصوير: هاجر هشام

بحسب عبد الله، فإن استثماره الذي أُطلق بشكل تجريبي في سبتمبر الماضي، وبدأ فعليًا في ديسمبر معرّض لخسارة ما يقارب 10% من أرباحه بسب قانون النقل البرّي باستخدام تكنولوجيا المعلومات، والذي يفرض تراخيص تشغيل على الشركات الراغبة في العمل بالمجال تصل إلى 30 مليون جنيه. يقول عبدالله "غالبًا هنلغي ميزة إن العربية ممكن تتأجر بسوّاق، الرقم ده كبير جدًا".

في السابع من مايو، أقر البرلمان المصري قانون النقل البرّي باستخدام تكنولوجيا المعلومات، وهو القانون المعروف إعلاميًا بقانون "أوبر وكريم"، والذي يقنن أوضاع الشركات التي تعمل في مجال النقل التشاركي، سواء السيارات الخاصة أو وسائل النقل الجماعي، ويفرض القانون عددًا من الرسوم والتراخيص على الشركات العاملة بالمجال، وكذلك على السائقين الذين يعملون معها، وهو ما يراه عبد الله يصعّب دخول مستثمرين صغار للسوق.

شروط تعجيزية

حتى الآن، لم تصدر اللائحة التنفيذية للقانون، والتي تحدد المبالغ التي ستدفعها كل شركة بحسب حجم أسطول سياراتها. ترى سحر نصر وزيرة الاستثمار أن القانون يعطي الفرصة لشركات مصرية صغيرة لمنافسة الشركات الحالية، بحسب التصريح المنشور على موقع وزارة الاستثمار. لكن عبدالله يرى العكس، يشاركه في هذه الرؤية عبد اللطيف واكد، المدير التنفيذي لأوبر مصر الذي يصف الحدود القصوى لكل من تراخيص التشغيل وتراخيص السائقين بالـ"مرتفعة"، وذلك خلال حواره مع نشرة الأخبار الاقتصادية إنتربرايز، في اليوم التالي لإصدار القانون.

 

انفوجراف يوضّح الرسوم والتراخيص المطلوبة من الشركات والأفراد المنخرطين في منظومة النقل التشاركي

في حواره مع إنتربرايز، قال واكد إن رسوم التشغيل الخاصة بالشركات ستعيق دخول لاعبين جدد السوق، وذلك بعد أن رفع البرلمان الحد الأقصى من 10 ملايين تدفع كل خمس سنوات، إلى 30 مليون تدفع كل خمس سنوات. جاء تصريحه ف يمعرض الحديث عن نية أوبر متابعة صدور اللائحة التنفيذية للقانون خلال الشهرين القادمين لمعرفة الشرائح الخاصة بالشركات، والشرائح الخاصة بالسائقين.

اقرأ أيضًا: يوميات صحفية برلمانية| قانون أوبر وكريم يهدد حياتك الخاصة

ربما إلغاء هذا الجزء من الخدمة لن يضرّ أجّرلي، تطبيق عبدالله، بأكثر من 10% من أرباحها في الوقت الحالي "يمكن من حسن الحظ إننا كنّا مركزين الفترة اللي فاتت على الشق التاني من الخدمة المرتبط بالإيجار من غير سوّاق"، لكن بحسب عبد الله، فإن الشروط الخاصة بالقانون ستحرمه من سوق كبير سيساهم في نمو أكبر لشركته، خاصة وأن الخدمات التي يقدمها عبدالله لا تنافسه فيها الشركات الكبيرة كأوبر وكريم "عربيات الزفاف اللي بتطلع كل يوم ديه بتطلع بسوّاق، اللي بيسافروا من القاهرة لإسكندرية ومن القاهرة للعين السخنة، واللي بياخدوا مشاوير طويلة زي من التجمّع للمعادي يوميًا"، كلها فرص بالنسبة لعبدالله تتناسب ونوع الخدمة التي تقدّمها شركته، لكنها الآن صارت فرصًا مهدرة.

تكاليف التشغيل

يقول عبدالله "الناس عادة بتفتكر إن الموضوع مجرّد آب، بس المسألة صعبة ومجتاحة مجهود وفلوس كثير". يحكي عبدالله للمنصّة أنه هو الآخر كان، في بداية عمله على فكرته، يفكّر بنفس المنطق إلى أن خاض التجربة "فضلت سنة وشهرين بشتغل على التطبيق مع مطوري برمجيات بيشتغلوا بشكل حر، وبعدها لما بدأت؛ التيم بدأ يكبر وبدأت أوظّف ناس تتابع العمليات وناس خاصة بالتسويق ومصممين".

من خلال دراسته وعمله لأكثر من سنتين في هذا السوق، عاصر عبدالله عددًا من التجارب التي لم تستطع مجاراة العمل في السوق، لأسباب أهمها تكاليف التشغيل وقوّة المنافسين الموجودين حاليًا في الساحة "أنا شفت تطبيقات زي أُسطى كانوا داخلين السوق بفاند كبير وماقدروش يكملوا عشان المنافسة".

الميني باص

واحدة من التجارب التي لم تكتمل كانت تجربة الميني باص، لصاحبه هشام حسام، مهندس البرمجيات، وهو تطبيق نقل جماعي شبيه بـ"باصيت" و"سويفل"، بدأه هشام واثنان من زملائه، هما أيضًا مهندسا برمجيات، في العام 2015، يحكي حسام عن المشاكل التي واجهت مشروعه وتسبت في إيقافه منذ عام ونصف "وقفنا لأسباب كثير داخلية منها تكاليف التشغيل والميزانية، حاولنا نجيب استثمارات لكن كنّا خلاص الفلوس اللي محوشنها خلصت".

قصّة حسام وزميليه تتشابه وقصّة عبدالله، ثلاثة مهندسين استطاعوا من خلال عملهم تأمين مبلغ جيد يمكنهم من البدء في مشروعهم الخاص، يحكي حسام عن بدايتهم " كنّا عايزين مواصلة تكون مريحة زي أوبر بس تكلفتها أقل، فكرنا نطبّق الفكرة على الميكروباصات الـ high 8  المكيّفة، عملنا أبليكيشن، وجربناه مع الناس اللي أعجبوا فبدأنا فعلاً نجمّع مجموعات ونعمل خطوط ونشتغل".

 

صورة لواجهة تطبيق ميني باص

تكاليف إيجار الباص الواحد في اليوم كانت تصل إلى 300 جنيه، يقول حسام إنهم كانوا يتحمّلون خسارة شهرية تتراوح بين الألف ونص، والألفي جنيه "كنّا معتمدين على الاشتراكات الشهرية في البداية عشان نضمن فلوس، بس ده صعّب تجميع عدد لكل باص، إحنا كنّا بنشغّل الباص بستّة على الأقل"، يقول حسام إن المبلغ المنصوص عليه كحد أقصى في القانون يمكنه تسيير عدد كبير من المركبات في مشروع كمشروعهم.

يستبعد حسام قدرة المستثمرين الصغار، أصحاب الشركات الناشئة على الوفاء بترخيص التشغيل الموجود في القانون، لكنه يرى في الدمج حلاً يمكنهم من النفاد من القانون الحالي "يتوحدوا مع بعض بدل ما تبقى شركة صغيرة يتجمّعوا كلهم تحت جروب شركة واحدة"، يضيف "لو فكرنا نعمل مشروعنا تاني هندور على حد يشاركنا".

هات لك شريك

كان هذا الحل الذي اقترحه عضو لجنة النقل بمجلس الشعب سعيد طعيمة "أظن لو حد عايز يعمل مشروع مشابه يدورله على شريك هيقدروا يدفعوا المبلغ".

على عكس عبدالله وحسام وواكد، يرى طعيمة أن القانون منطقي ويراعي جميع أنواع الشركات التي يمكنها دخول المجال "فيه شرائح هتتعمل للشركات وكل شركة هتدفع مقابل معيّن بحسب أسطول السيارات اللي عندها"، يقول طعيمة إن من حضر جلسات الاستماع التي أقامها المجلس لمناقشة القانون هم ممثلون عن شركتي أوبر وكريم، عندما سألته المنصة عن الشركات الأخرى العاملة في المجال، خاصة الشركات الناشئة رد قائلاً "ماهو أوبر وكريم هم اللي موجودين في السوق النهاردة"، حاولنا استطلاع موقف تطبيقات النقل الجماعي من حضور جلسات الاستماع، قال طيعمة إنهم لا ينطبق عليهم القانون، في وقت تنص مادة القانون الأولى على أنه مطبّق على السيارات الخاصة، والنقل الجماعي.

بالنسبة لعبدالله، فإن انطباعه الأول عن القانون هو أنه محاولة لغلق السوق على اللاعبين الموجودين فيه بالفعل. يرى المستثمر الشاب الذي لم يمر على بدء استثماره الفعلي أكثر من نصف عام أن هناك طرقًا أخرى يمكن تقنين وجود الشركات في مصر دون الشروط التي وصفها سابقًا بـ"التعجيزية"، يقول "كان ممكن يحطوا ضريبة على الرحلة مثلاً، أو ضريبة على كل عربية"، يضيف"بره الأمور بتمشي أسهل من كده، يعني أنا لو مستثمر هروح دبي ولا حتى السعودية، لكن مصر المفروض تدعم الشركات الناشئة اللي هي جزء من الاقتصاد المصري، في وقت إنت المفروض بتدعم اقتصادك وبتحاول تقوّمه".

تراخيص التشغيل والغرامات وكروت التشغيل للسائقين المتعاونين ليست الرسوم الوحيدة المفروضة على شركات النقل التشاركي بحسب القانون الجديد، فبحسب ما نقلته جريدة البورصة، فإن مصلحة الضرائب انتهت من دراسة تطبيق ضريبة القيمة المضافة على تلك الشركات أسوة ببقيّة شركات النقل، وسيتم تطبيقه خلال شهرين.

تحدثت البورصة مع النائب طلعت خليل، عضو لجنة الخطة والموازنة للتعليق، فقال إن القرار لمساواة الشركات ببعضها البعض، وإن الضريبة في النهاية لن تدفعها الشركات، ولكن ستجمعها من المستهلك في النهاية لتسددها إلى وزارة المالية.