تليفزيون فلسطين
مواجهات محدودة شهدتها الضفة الغربية

القطاع يحارب وحيدًا: لماذا تخلّت الضفة الغربية عن غزة؟

منشور الأربعاء 16 مايو 2018

 

" أيام ما قبل 14 مايو/أيار تشبه الأيام قبل حرب 1967، التي كانت إحدى أخطر الحروب التي تهدد أمن ووجود إسرائيل" هكذا رأى رئيس مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي السابق، عاموس يلدين المظاهرات الفلسطينية في قطاع غزة. ورغم ما شهده القطاع من مجزرة دموية ومظاهرات واسعة يوم الإثنين 14 مايو/ آيار، إلا أن الضفة الغربية لم تشهد تظاهرات واسعة، فيما وصف مراقبون الحالة الفلسطينية بالقول إن "الضفة الغربية تركت غزة لوحدها".

وبينما سقط قرابة 60 فلسطينيًا برصاص جنود الجيش الإسرائيلي على حدود قطاع غزة، لم  تشهد الضفة الغربية إلا القليل من الاشتباكات هنا وهناك، مع عدد قليل من الإصابات خلال اليوم الأول لأحداث الهبة الجماهيرية على خلفية نقل السفارة.

لكن الإضراب الشامل عم مناطق الضفة الغربية، أمس الثلاثاء، استجابة لدعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالحداد على أرواح الشهداء في قطاع غزة. والتزمت المؤسسات الرسمية والخاصة كافة بقرار الإضراب، وأغلقت المدارس والجامعات والمحال التجارية أبوابها.

وقدّرت وسائل إعلام إسرائيلية أعداد المتظاهرين على حدود قطاع غزة، يوم الإثنين، بقرابة 40 ألف فلسطيني، فيما قالت مصادر فلسطينية أن العدد أكبر من ذلك. وأكد منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة عصام بكر، لمراسل المنصة، أن عدد المتظاهرين في الضفة الغربية بلغ يوم الإثنين الماضي حوالي 15 ألف فلسطيني تقريبًا، منهم 8 آلاف في المسيرة المركزية التي انطلقت باتجاه حاجز قلنديا الاحتلالي، من مدينة رام الله. أما يوم الثلاثاء، فقال بكر أن العدد كان أقل من ذلك بكثير، ويتراوح بين 5 و7 آلاف متظاهر.

وتحدث أحد المشاركين في تظاهرة سابقة، إلى المنصة، بشرط عدم ذكر اسمه، قائلًا إن المشاركة الجماهيرية في التظاهرات في الضفة كانت جيدة، لكنها لم تكن بالشكل المطلوب أو كما كان متوقعًا، كما ذكر أن كثيرًا من الشباب الفلسطينيين يمتنعون عن النزول إلى الشارع "نظرًا لانسداد الأفق السياسي".

واعتبرت الكاتبة والمحللة السياسية رهام عودة أن مشاركة أهالي الضفة في الاحتجاجات كانت "متواضعة جدًا". وبررت عودة ذلك بالتضييقات الإسرائيلية التي تفرضها إسرائيل على الناشطين الفلسطينين في الضفة، إذ تنفذ يوميًا عمليات مداهمة واعتقال لكل من يحاول القيام بأي نشاط ضد الاحتلال. وبحسب عودة، فإن الوضع يختلف كثيرًا في غزة، فالتنظيمات الفلسطينية لها قدرة أكبر على حشد المتظاهرين، خصوصًا أنها باتت تشعر بنوع من الحرية بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005.

ونفى الناطق الرسمي باسم فتح في الضفة الغربية أسامة قواسمة في تصريحات خاصة إلى المنصة أن تكون هناك فروقات بين الضفة وغزة في مستوى كثافة التظاهر، لأن الشعب الفلسطيني واحد، كما رفض القواسمة التفريق بين الدم الفلسطيني الذي ينزف في غزة والدم الذي ينزف في رام الله. وأضاف: "لإسرائيل مصلحة لا يمكن تبريرها في القتل، ولها إستراتيجيات في التعامل مع الفلسطيني، وهذا يدلل على أن إسرائيل كانت تستهدف قتل الفلسطيني لأغراض سياسية، سواء في الضفة أو في غزة".

كما نفى الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي في تصريحات لـ المنصة أن تكون مظاهرات الضفة أقل حدة من قطاع غزة، في اليوم الثاني لأحداث الهبة الفلسطينية على قرار نقل السفارة وذكرى النكبة، بالتزامن مع الإضراب العام الذي تشهده مدن الضفة الغربية المحتلة.

اقرأ أيضًا: لكل شيء تافه إلا "القضية"

وقال البرغوثي إن الضفة شهدت اليوم الأربعاء عددًا كبيرًا من المظاهرات في مختلف المناطق الفلسطينية، بما يشبه انتفاضة شعبية، مضيفًا أن كثيرًا من الإصابات الخطرة بين الفلسطينيين نقلت إلى المشافي، فيما تبقى احتمالية استشهادهم واردة نتيجة خطورة إصاباتهم.

وأكد البرغوثي أن الجيش الإسرائيلي لا يفرق بين فلسطيني في الضفة وفي غزة، وأنه يستخدم القوة المميتة ضد الفلسطينيين في كل مناطق المواجهات.

ويرى الصحفي الفلسطيني محمود الخواجا أن اختلاف الظروف المعيشية بين الضفة وغزة، يدفع الفلسطينيين في كل منهما إلى التصرف بطريقة مختلفة، خصوصًا بسبب الحصار المطبق على سكان غزة، الذين لم يعودوا يملكون شيئًا ليخسروه. ويضيف الخواجا إن الفلسطينيين في الضفة لا يملكون أي شيء ليقدموه لذلك فهم يكتفون بالإضراب، ولا يقدمون شيئًا آخر، رغم شعورهم بالمأساة الفلسطينية في قطاع غزة.

لكن الصحفي المصري العامل في الضفة الغربية هيثم عبد الغني قال في تصريحات خاصة إن السبب وراء عدم المشاركة الجماهيرية في التظاهرات من الفلسطينيين في الضفة يكمن في الفروق الكثيرة مع أهالي غزة؛ فالفلسطيني في الضفة يشعر بقيود القروض البنكية، التي ظهرت أول الأمر في عهد رئيس الوزراء السابق سلام فياض، وبالتالي فهو يشعر بالخوف من عدم مقدرته على تسديد القروض، في حال سجنه أو إصابته في المواجهات مع الجيش الإسرائيلي.

ويضيف عبد الغني أن إسرائيل تعتبر زة كيانًا معاديًا، فيما تعتبر أن الاعتماد الاقتصادي والأمني والسياسي في الضفة على الاحتلال يمنعه من استخدام القوة المميتة ضد سكان الضفة، على غرار ما يحدث في غزة.